معني الحسد فضيلة الشيخ أشرف الفيل

**Admin** الثلاثاء يوليو 31, 2012 4:45 am

معني الحسد

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]

خطبة الجمعة لمسجد الرحمن بمساكن الشيراتون ـ النزهة ـ القاهرة
ألقيت هذه الخطبة بتاريخ 25 / 1 / 2008 م
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وبعد : يقول الله تعالي " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا

حَسَد

: كره نعمة الله على غيره ، وتمنى زوالها وقد يسعى لإِزالتها

ـ تعريف الحسد

الحسد هو : أن تتمنى زوال النعمة عن غيرك وصيرورتها إليك والحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي به في الأرض فأما في السماء فحسد إبليس لآدم وأما في الأرض فحسد قابيل لهابيل ، وهو المسلك الأول من مسالك الشيطان ... وقال بعض أهل التفسير في قوله تعالى :" ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين" إنه إنما أراد بالذي من الجن إبليس والذي من الإنس قابيل، وذلك إن إبليس كان أول من سن الكفر، وقابيل كان أول من سن القتل، وإنما كان أصل ذلك كله الحسد .( من الجامع لأحكام القرآن قول الله تعالي" أم يحسدون الناس ــ الآية )

2 ـ أنواع الحسد :

الحسد نوعان :

حسد حميد وهو : أن تتمني أن يكون لك مثل فلان دون أن تزول عنه النعمة
حسد مذموم و هو : أن تتمني زوال النعمـــــــــــة عن غيرك وصيرورتها إليك

كيف يدخل الشيطان من طريق الحسد ؟

والشيطان إذا أراد أن يدخل إلي ابن آدم دخل إليه من طريق الطاعة ، أو من طريق محمود ؛ ولا يدخل الشيطان من طريق مذموم حتى لا يكتشف ذلك الإنسان ؛ فمثلا الشيطان لا يأمر الإنسان بترك الصلاة أو العبادات وإنما يتركه يؤدي العبادات ويشغله بأشياء أخرى تضيع عليه قيمتها في قلبه ؛ لأن كل عبادة لها قيمة فعلية في قلب الإنسان ؛ فالصلاة مثلا تعمل علي طمأنة القلب من الوساوس والمخاوف والتعب ؛ ولذلك ورد أن النبي كان يقول أرحنا بها يابلال وذلك في الحديث الذي أخرجه أبو داود : « قال رجل من خُزاعةَ : ليتني صلَّيتُ فاسترْحتُ ، فكأنّهم عابوا ذلك عليه ، فقال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : أقم الصلاةَ يا بلالُ ، أرِحْنا بها » وفي رواية: قُمْ يا بلالُ ، فأرِحْنَا بالصلاة » ......... ومعني " أرحنا بها » أي : آذنا بالصلاة لنستريح بأدائها من شغل القلب بها ، وقيل : كان اشتغاله بالصلاة راحة له ، فإنه كان يعد غيرها من الأعمال الدنيوية تعبا ، فكان يستريح بالصلاة ، لما فيها من مناجاة الله تعالى ، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » وما أقرب الراحة من قرة العين.

والزكاة لها تأثير

علي طهارة النفس من الكبر وعلي حفظ المال من الضياع قال الله تعالي " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم "" ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم " حصنوا أموالكم بالزكاة و داووا مرضاكم بالصدقة و استعينوا على حمل البلاء بالدعاء و التضرع ‌." وهذا حديث مرسل سقط منه راو عند السند ( ضعيف )
‌ والصيام له تأثير علي روحانية الإنسان والارتقاء بها إلي أعلي الدرجات لأن في الصيام صفة متعلقة بصفة من صفات الله تعالي قال الله تعالي " وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون "

والحج كذلك له تأثير علي الروح

من حيث تعليمها الالتزام بما أمر الله تعالي وغير ذلك من الأشياء التي لا يعلم حقيقتها إلا الله تعالي قال الله تعالي " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج "
وهذه الأعمال إذا أداها العبد تأدية صحيحة كان ذلك سبيلا إلي راحة قلبه ورفعة لإيمانه وحفاظا علي مبادئ دينه لأن الله فطر القلب والروح علي هذه الطاعات وجعل غذاء الروح والقلب معا في هذه الطاعات ؛ ولذلك فإن الشيطان يستولي علي قلب الإنسان ليحوله إلي أمور أخرى أثناء العبادات حتى لا يستفيد منها إذا مهمة الشيطان اختطاف القلب لأنه هو الذي يمد الروح بهذا الغذاء ؛ ولأن الشيطان لا يستطيع أن يمنع الإنسان من العبادة مطلقا ولا يحرمه من غذاء روحه فإنه يحاول أن يختطف من غذاءه المتمثل في هذه العبادات ؛ ولذلك لما سئل الرسول عليه الصلاة والسلام عن الالتفات في الصلاة فقال " ذاك اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " صورة أخري من الاختلاس حديث عقبة بن عامر الجهني قال كنا مع رسول الله في سفرة ونحن نتناوب رعية الابل فجئت ذات يوم والنبي يخطب وقد سبقني بعض قوله فجلست إلى جنب عمر بن الخطاب فسمعت النبي يقول من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قام يصلي فصلى صلاة يعلم ما يقول فيها حتى يفرغ من صلاته كان كهيئته يوم ولدته أمه فقال قلت بخ بخ فقال عمر بن الخطاب قد قال أجود من هذا قال من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قام فصلى صلاة يعلم ما يقول فيها حتى فرغ من صلاته ( 5 ) ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يدخل من أيها شاء

حديث

من توضأ مثل وضوئي هذا ثم قام فصلى ركعتين لا

يحدث فيهما نفسه بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه . ‌صحيح
حديث إن الرجل لينصرف و ما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسهاربعها ثلثها نصفها . ‌

أراد أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص بحسب الخشوع والتدبر ونحو ذلك مما يقتضي الكمال كما في صلاة الجماعة خمس وعشرون وسبع وعشرون وبدأ بالعشر لأنه أقل الكسور قال الغزالي : والصلاة قد يحسب بعضها ويكتب بعضها دون بعض كما دل عليه هذا الخبر ،والفقيه يقول الصحة لا تتجزأ ولكن ذلك له معنى آخر وفي بعض الروايات إن العبد ليس له من صلاته إلا ما عقل أي فيكتب له منها ما عقل فقط وذلك فضل عظيم عند اللّه لأن صلاته كانت في موجب الأدب أسرع إلى العقوبة منها إلى أن يكتب له ما عقل إذ لا يدري بين يدي من هو حتى يلتفت إلى غيره بقلبه وهو واقف راكع ساجد بجسده
لأن القلب أهم ما في الموضوع حتي يتأثر الإنسان ويستفيد من العمل

وقد أورد ابن الجوزى قصة في كتابه تلبيس إبليس أنه لما ركب نوح عليه السلام السفينة وجد من بين الراكبين رجلا شيخا كبيرا لم يره من قبل ولم يكن يعرفه فسأله قائلا من الشيخ ؟ فقال : إبليس !! فقال له نوح عليه السلام : فلا حياك الله ! لما ركبت معنا ؟ فقال : لأختطف قلوب بني آدم فتكون قلوبهم معي وأجسادهم معك !!! فقال نوح عليه السلام : فما الذي إذا فعله ابن آدم استحوذت عليه ؟ قال : خمسة أشياء !! قال نوح عليه السلام : وما تلك الأشياء الخمسة ؟ فقال : أحدثك عن ثلاثة منها ولا أحدثك عن اثنتين !! فأوحي الله إلي نوح أن قل له لا حاجة بي إلي الثلاثة ، وأريد أن تحدثني عن الاثنتين قال : أما إذ لابد من ذكرهما فهما الحسد ، والحرص !! فبالحسد طردت من رحمة الله !!! و بالحرص طرد آدم من الجنة ؛ إذا الشيطان أول ما يسيطر يسيطر علي قلب ابن آدم حتى يفسد عليه معايشه ومقاصد عبادته وعرفنا من الخبر الذي ذكر هذا أن الشيطان من بعض مسالكه إلي قلب ابن آدم هو الحسد والحرص أما الحسد فإن الشيطان يدخل لقلب الإنسان من خلال الحسد المحمود