المواضيع الأخيرة
ابحاث اسلا مية بحث رقم 2 هجرة الرسول
منتدي مكتوبي :: أبحاث :: ابحاث اسلامية :: هجره الرسول
صفحة 1 من اصل 1
ابحاث اسلا مية بحث رقم 2 هجرة الرسول
هجرة النبي
هجرة النبي
الخطبة الاولى :
إنَّ الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه من بعثَه اللهُ رحمةً للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً.
بلَّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنا خيرَ ما جزى نبياً من أنبيائه صلواتُ اللهِ وسلامه عليه وعلى كلِّ رسولٍ أرسلَه.
أما بعد عباد الله أوصيكم ونفسيَ بتقوى الله العليّ العظيم.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا (40)}[سورة التوبة].
عباد الله، لما بُعِثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمِرَ بالتبليغ والإنذار بلا قتال فظل أربعة عشر عاماً يدعو الناس الى الاسلام من غير قتال فآمن به بعض الناس كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وبلال وغيرهم، وبقي على الكفر أكثر الناس وصاروا يؤذونه وأصحابه، فلمّا اشتد عليهم الأذى هاجر بعض أصحاب النبي الى الحبشة وكانوا نحو ثمانين منهم عثمان بن عفان وجعفر بن أبي طالب.
ولما كثُر أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيثرب أمر اللهُ المسملين بالهجرة إليها فخرجوا أرسالاً، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة محلّ ولادته مع أبي بكر الصدّيق بعد أن أقام في مكّة منذ البعثة ثلاث عشرة سنة يدعو الى التوحيد ونبذ الشرك. ولم تكن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حبّاً في الشُهرة والجاه والسلطان فقد ذهب اليه أشراف مكّة وقالوا له : إن كنت تريدُ بما جئتَ به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرَنا مالاً، وإن كنتَ تريدُ مُلْكاً ملّكناكَ إيّاه ولكنَّ النبي العظيم أسمى وأشرف من أن يكون مقصوده الدنيا.
ولهذا كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمّه أبي طالب حين أتاه يطلب منه الكفّ عن التعرّض لقومه وما يعبدون :" والله يا عمّ لو وضَعُوا الشمسَ في يميني والقمرَ في يَساري على أن أترك هذا الأمر ما تركتُه حتى يظهرَه اللهُ سبحانه وتعالى أو أهْلِكَ دونه ".
وبالنبي صلى الله عليه وسلم اقتدى الصحابة الأجلاّء فقد خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من مكة مع أربعين من المستضعَفين في وضح النهار ممتشقاً سيفه قائلاً لصناديد قريش بصوت جهير :" يا معشر قريش من اراد منكم أن تفصَل رأسه أو تثكله أمّه أو تترمَّل امرأته أو ييتّم ولده أو تذهب نفسه فليتبعني وراء هذا الوادي فإني مهاجر الى يثرب ".
فما تجرأ أحد منهم أن يحول دونه ودون الهجرة.
ثم إنَّ المشركين كانوا قد أجمعوا أمرهم على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعوا من كلّ قبيلة رجلاً جلداً نسيباً وسيطاً ليضربوه ضربة رجل واحد حتى يتفرق دمه في القبائل، فأتى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأمرَه أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه وأخبره بمكر القوم وأنزل الله تعالى { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}[سورة الأنفال].
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ويتسَجّى ببُرْدٍ له أخضر ففعل، ثمّ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم وهم على بابه ومعه حُفنة تراب فجعل يذرّها على رؤسهم، وأخذ الله عز وجلّ بأبصارهم عن نبيّه، وهو يقرأ { يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} الى قوله {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (9) } [سورة يس] فلمّا أصبَحوا فإذا هم بعليّ بن أبي طالب فسألوه عن النبي فأخبرهم أنّه خرج فركبوا في كلّ وجه يطلبونه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سار مع أبي بكر رضي الله عنه حتى وصلا الى غار ثور فدخلاه، وجاءت العنكبوت فنسجت على بابه، وجاءت حَمامة فباضت ورقدت، فلما وصلَ رجال قريش الى الغار قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله لو أن أحدَهم ينظر الى قدميه لأبصرنا تحت قدميه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" يا أبا بكر ما ظنُّكَ باثنين الله ثالثهما ".
عباد الله، لقد سلّم الله نبيّه الكريم من شرّ المشركين فوصل الى المدينة المنورة ومعه صاحبه فاستقبله المؤمنون بالفرح واستبشروا بقدومه، وسمّى الرسول يثرب بالمدينة المنورة وءاخى بين أهلها والمهاجرين، وسمّاهم الأنصار، وبنى مسجده ومساكنه.
وقد استقبل الأنصار إخوانهم المهاجرين ومدّوا لهم يد المساعدة والعون حتى كان الانصاري يقسِم ماله ومتاعه بينه وبين أخيه المهاجر.
فحَرِيٌّ بنا أن نقتدي بهؤلاء الأفذاذ من الناس الذين عرفوا معنى الأخوّة الحقيقي فأيّدهم الله بنصره.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
الخطبة الثانية :
إنَّ الحمد لله نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يَهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ومن يُضْلِل فلا هاديَ له وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه وصفيّه وخليلُه صلى الله عليه وسلم وعلى كل رسول أرسلَه. أما بعدُ عبادَ الله اتقوا الله في السر والعلن. يقول الله تعالى في القرءان الكريم { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ(2)} [سورة الحج].
عباد الله إنَّ في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فوائد وعِبَر وإنَّ من أخبار الهجرة قِصّةُ سُراقة بن مالك ابن جُعْشم المُدلجيّ الذي لحق النبي على فرسٍ له وكان قفّاء يتبع الأثر فرءاه أبو بكر رضي الله عنه فقال لرسول الله " هذا الطّلَب لحقنا " فقال صلى الله عليه وسلم لصاحبه أبي بكر :" لا تَحزن إنَّ الله معنا " فلمّا دنا سُراقة ساخت به قوائم فرسه الى ركبتيه في أرض صلبة، فنادى سُراقة " يا محمد ادع الله أن يخلّصني ولك عليَّ لأعمينَّ على من ورائي فدعا له فخلص، ثم أخبره سُراقة بما ضمِنَه له قومه عند ظفره به. ثم تركهم ورجَع ولم يُسْلِم حينها مع أنّه رأى هذه المعجزة العظيمة لأنَّ الله ما شاء له أن يُسْلِم في ذلك الوقت ولكنَّ الله تعالى شاء له أن يكون من أهل السعادة فأسلَم عامَ الفتح.
عباد الله، إننا في مثل هذا الوقت نتذكّر وفاة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان واحداً من الذين أيّدهم الله بنصره والذي كان واحداً من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه والذي كان لا يخاف في اللهِ لومةَ لائم حتى قال فيه رسول الله :" الحقُّ يجري على لسانِ عمرَ وقلبِه". ففي ءاخر شهر ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين حجّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثمّ رجع الى المدينة المنورة وفي ختامها طعنه أبو لؤلؤة فيروز مملوك المغيرة بن شعبة أصلُه من نهاوند مجوسي كافر لعنه الله، وكان عمر رضي الله عنه خرج لصلاة الصبح وقد استوت الصفوف فدخل الخبيث أبو لؤلؤة بين الصفوف وبيده خنجر مسموم فضربه به ثلاث طعنات إحداها تحت سرّته فمسكوه وأصيب من الصحابة نحو اثني عشر رجلاً مات منهم ستة وطعن الخبيث نفسه فمات وسقط عمر رضي الله عنه على الأرض وقبل وفاته أرسل ابنه عبد الله الى عائشة يستأذنها بأن يُدْفن قرب صاحبيه رسول الله وأبي بكر فبكت وأذِنت له وقالت كنت أريدُ هذا المكان لنفسي، ولكنّها ءاثرته على نفسها فدُفِنَ حيث أحبّ.
إخوة الايمان، لقد كان عهد عمر عهد عزّ وعدل وخير للمسلمين فهو عهد الفاروق الذي فرَق بين الحق والباطل، أمدّنا اللهُ بأمداده.
واعلموا أنَّ الله أمرَكم بأمر عظيم أمرَكم بالصلاة على نبيه الكريم فقال { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)}[سورة الأحزاب] اللهم صلّ على محمد وعلى ءال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ءال ابراهيم وبارك على محمد وعلى ءال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ءال ابراهيم إنّكَ حميدٌ مجيد. اللهم إنّا دعوناك فاستجب لنا دعاءنا فاغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اهدِنا وعافنا واعف عنّا، اللهم اجعلنا هداةً مهديين غيرَ ضالّين ولا مضلّين اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمّنا وقنا شرَّ ما نتخوف يا أرحم الراحمين أصلح لنا شأننا كُلَّه ولا تكِلْنا الى أنفسنا طرفة عين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمّن سواك اللهم وفقنا لما تحبّه وترضاه وأشرح صدورنا ونوّر قبورنا وفقّهنا في ديننا واجعلنا من عبادك المتواضعين المخلصين غير المرائين إنّك سميع قريب مجيب الدعوات.
عباد الله، إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعِظكم لعلَّكم تذكَّرون. اذكروا الله العظيمَ يذكُرْكُم واشكروه يزدْكم واستغفروه يغفِرْ لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجاً. وأقم الصلاة.
هجرة النبي
الخطبة الاولى :
إنَّ الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه من بعثَه اللهُ رحمةً للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً.
بلَّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنا خيرَ ما جزى نبياً من أنبيائه صلواتُ اللهِ وسلامه عليه وعلى كلِّ رسولٍ أرسلَه.
أما بعد عباد الله أوصيكم ونفسيَ بتقوى الله العليّ العظيم.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا (40)}[سورة التوبة].
عباد الله، لما بُعِثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمِرَ بالتبليغ والإنذار بلا قتال فظل أربعة عشر عاماً يدعو الناس الى الاسلام من غير قتال فآمن به بعض الناس كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وبلال وغيرهم، وبقي على الكفر أكثر الناس وصاروا يؤذونه وأصحابه، فلمّا اشتد عليهم الأذى هاجر بعض أصحاب النبي الى الحبشة وكانوا نحو ثمانين منهم عثمان بن عفان وجعفر بن أبي طالب.
ولما كثُر أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيثرب أمر اللهُ المسملين بالهجرة إليها فخرجوا أرسالاً، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة محلّ ولادته مع أبي بكر الصدّيق بعد أن أقام في مكّة منذ البعثة ثلاث عشرة سنة يدعو الى التوحيد ونبذ الشرك. ولم تكن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم حبّاً في الشُهرة والجاه والسلطان فقد ذهب اليه أشراف مكّة وقالوا له : إن كنت تريدُ بما جئتَ به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرَنا مالاً، وإن كنتَ تريدُ مُلْكاً ملّكناكَ إيّاه ولكنَّ النبي العظيم أسمى وأشرف من أن يكون مقصوده الدنيا.
ولهذا كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمّه أبي طالب حين أتاه يطلب منه الكفّ عن التعرّض لقومه وما يعبدون :" والله يا عمّ لو وضَعُوا الشمسَ في يميني والقمرَ في يَساري على أن أترك هذا الأمر ما تركتُه حتى يظهرَه اللهُ سبحانه وتعالى أو أهْلِكَ دونه ".
وبالنبي صلى الله عليه وسلم اقتدى الصحابة الأجلاّء فقد خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من مكة مع أربعين من المستضعَفين في وضح النهار ممتشقاً سيفه قائلاً لصناديد قريش بصوت جهير :" يا معشر قريش من اراد منكم أن تفصَل رأسه أو تثكله أمّه أو تترمَّل امرأته أو ييتّم ولده أو تذهب نفسه فليتبعني وراء هذا الوادي فإني مهاجر الى يثرب ".
فما تجرأ أحد منهم أن يحول دونه ودون الهجرة.
ثم إنَّ المشركين كانوا قد أجمعوا أمرهم على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعوا من كلّ قبيلة رجلاً جلداً نسيباً وسيطاً ليضربوه ضربة رجل واحد حتى يتفرق دمه في القبائل، فأتى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأمرَه أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه وأخبره بمكر القوم وأنزل الله تعالى { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}[سورة الأنفال].
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ويتسَجّى ببُرْدٍ له أخضر ففعل، ثمّ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم وهم على بابه ومعه حُفنة تراب فجعل يذرّها على رؤسهم، وأخذ الله عز وجلّ بأبصارهم عن نبيّه، وهو يقرأ { يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} الى قوله {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (9) } [سورة يس] فلمّا أصبَحوا فإذا هم بعليّ بن أبي طالب فسألوه عن النبي فأخبرهم أنّه خرج فركبوا في كلّ وجه يطلبونه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سار مع أبي بكر رضي الله عنه حتى وصلا الى غار ثور فدخلاه، وجاءت العنكبوت فنسجت على بابه، وجاءت حَمامة فباضت ورقدت، فلما وصلَ رجال قريش الى الغار قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله لو أن أحدَهم ينظر الى قدميه لأبصرنا تحت قدميه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" يا أبا بكر ما ظنُّكَ باثنين الله ثالثهما ".
عباد الله، لقد سلّم الله نبيّه الكريم من شرّ المشركين فوصل الى المدينة المنورة ومعه صاحبه فاستقبله المؤمنون بالفرح واستبشروا بقدومه، وسمّى الرسول يثرب بالمدينة المنورة وءاخى بين أهلها والمهاجرين، وسمّاهم الأنصار، وبنى مسجده ومساكنه.
وقد استقبل الأنصار إخوانهم المهاجرين ومدّوا لهم يد المساعدة والعون حتى كان الانصاري يقسِم ماله ومتاعه بينه وبين أخيه المهاجر.
فحَرِيٌّ بنا أن نقتدي بهؤلاء الأفذاذ من الناس الذين عرفوا معنى الأخوّة الحقيقي فأيّدهم الله بنصره.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
الخطبة الثانية :
إنَّ الحمد لله نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يَهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ومن يُضْلِل فلا هاديَ له وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه وصفيّه وخليلُه صلى الله عليه وسلم وعلى كل رسول أرسلَه. أما بعدُ عبادَ الله اتقوا الله في السر والعلن. يقول الله تعالى في القرءان الكريم { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ(2)} [سورة الحج].
عباد الله إنَّ في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فوائد وعِبَر وإنَّ من أخبار الهجرة قِصّةُ سُراقة بن مالك ابن جُعْشم المُدلجيّ الذي لحق النبي على فرسٍ له وكان قفّاء يتبع الأثر فرءاه أبو بكر رضي الله عنه فقال لرسول الله " هذا الطّلَب لحقنا " فقال صلى الله عليه وسلم لصاحبه أبي بكر :" لا تَحزن إنَّ الله معنا " فلمّا دنا سُراقة ساخت به قوائم فرسه الى ركبتيه في أرض صلبة، فنادى سُراقة " يا محمد ادع الله أن يخلّصني ولك عليَّ لأعمينَّ على من ورائي فدعا له فخلص، ثم أخبره سُراقة بما ضمِنَه له قومه عند ظفره به. ثم تركهم ورجَع ولم يُسْلِم حينها مع أنّه رأى هذه المعجزة العظيمة لأنَّ الله ما شاء له أن يُسْلِم في ذلك الوقت ولكنَّ الله تعالى شاء له أن يكون من أهل السعادة فأسلَم عامَ الفتح.
عباد الله، إننا في مثل هذا الوقت نتذكّر وفاة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان واحداً من الذين أيّدهم الله بنصره والذي كان واحداً من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه والذي كان لا يخاف في اللهِ لومةَ لائم حتى قال فيه رسول الله :" الحقُّ يجري على لسانِ عمرَ وقلبِه". ففي ءاخر شهر ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين حجّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثمّ رجع الى المدينة المنورة وفي ختامها طعنه أبو لؤلؤة فيروز مملوك المغيرة بن شعبة أصلُه من نهاوند مجوسي كافر لعنه الله، وكان عمر رضي الله عنه خرج لصلاة الصبح وقد استوت الصفوف فدخل الخبيث أبو لؤلؤة بين الصفوف وبيده خنجر مسموم فضربه به ثلاث طعنات إحداها تحت سرّته فمسكوه وأصيب من الصحابة نحو اثني عشر رجلاً مات منهم ستة وطعن الخبيث نفسه فمات وسقط عمر رضي الله عنه على الأرض وقبل وفاته أرسل ابنه عبد الله الى عائشة يستأذنها بأن يُدْفن قرب صاحبيه رسول الله وأبي بكر فبكت وأذِنت له وقالت كنت أريدُ هذا المكان لنفسي، ولكنّها ءاثرته على نفسها فدُفِنَ حيث أحبّ.
إخوة الايمان، لقد كان عهد عمر عهد عزّ وعدل وخير للمسلمين فهو عهد الفاروق الذي فرَق بين الحق والباطل، أمدّنا اللهُ بأمداده.
واعلموا أنَّ الله أمرَكم بأمر عظيم أمرَكم بالصلاة على نبيه الكريم فقال { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)}[سورة الأحزاب] اللهم صلّ على محمد وعلى ءال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ءال ابراهيم وبارك على محمد وعلى ءال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ءال ابراهيم إنّكَ حميدٌ مجيد. اللهم إنّا دعوناك فاستجب لنا دعاءنا فاغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اهدِنا وعافنا واعف عنّا، اللهم اجعلنا هداةً مهديين غيرَ ضالّين ولا مضلّين اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمّنا وقنا شرَّ ما نتخوف يا أرحم الراحمين أصلح لنا شأننا كُلَّه ولا تكِلْنا الى أنفسنا طرفة عين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمّن سواك اللهم وفقنا لما تحبّه وترضاه وأشرح صدورنا ونوّر قبورنا وفقّهنا في ديننا واجعلنا من عبادك المتواضعين المخلصين غير المرائين إنّك سميع قريب مجيب الدعوات.
عباد الله، إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعِظكم لعلَّكم تذكَّرون. اذكروا الله العظيمَ يذكُرْكُم واشكروه يزدْكم واستغفروه يغفِرْ لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجاً. وأقم الصلاة.
مواضيع مماثلة
» ابحاث اسلامية بحث رقم 1 هجرة الرسول
» ابحاث اسلامية بحث رقم 3 هجرة الرسول
» ابحاث اسلامية بحث رقم 4 هجره الرسول
» قصة الرسول فيديو
» بحث كامل عن هجره الرسول
» ابحاث اسلامية بحث رقم 3 هجرة الرسول
» ابحاث اسلامية بحث رقم 4 هجره الرسول
» قصة الرسول فيديو
» بحث كامل عن هجره الرسول
منتدي مكتوبي :: أبحاث :: ابحاث اسلامية :: هجره الرسول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء يوليو 31, 2012 5:16 pm من طرف Admin
» الحرص علي العلم فضيلة الشيخ أشرف الفيل
الثلاثاء يوليو 31, 2012 4:48 am من طرف Admin
» معني الحسد فضيلة الشيخ أشرف الفيل
الثلاثاء يوليو 31, 2012 4:45 am من طرف Admin
» بحث كامل مفصل عن ثورة 25 يناير
الثلاثاء يوليو 31, 2012 4:39 am من طرف Admin
» بحث كامل عن الكون
الثلاثاء يوليو 31, 2012 4:32 am من طرف Admin
» بحث عن سيدنا بوسف
الأربعاء مارس 07, 2012 8:20 am من طرف Admin
» بحث عن ثوره 25 يناير
الجمعة ديسمبر 30, 2011 6:17 am من طرف Admin
» بحث كامل عن طه حسين
الإثنين ديسمبر 12, 2011 1:48 am من طرف Admin
» بحث كامل عن هجره الرسول
الإثنين ديسمبر 12, 2011 1:44 am من طرف Admin